Posted on 29-07-2011
الواضح من كل شيء حولنا بأن حكم الخلافة الإسلامية قد انتهى ، وبأننا في
وطننا الأردن دولة حرّة (ليبرالية) ، يتضح ذلك من خلال تعاملاتنا وعلاقاتنا
مع الدول الصديقة والشقيقة ، بشكل شعبي ذلك يعني بأن لا مانع لديها بأن
يتصرف المواطن بحياته ضمن حكم القانون (على الأغلب) بما يضمن حرية اختياره
لأسلوب حياته وما تخلل ذلك.
بما أن عمّان هي عاصمتنا فذلك يملي عليها أن تتصف بالصفات الاقتصادية
والعملية ، فما نراه في عمّان من عادات جديدة وممارسات هو نتاج لتطوّر
الحياة المدنية فيها. من هذه العادات يأت شرب الكحول والإفطار في رمضان
التي أعلم بحرمتها ولكني اخترتها ضمن أسلوب الحياة الخاص بي (وغيري
الكثيرون) ، حرمان المواطن منها بحجة شهر رمضان ينافي مبدأ الحرية حتّى في
الدين الإسلامي ويصبغ جوّنا بصبغة قمعية رمضان شهر رحمة وتسامح، باعتقادي
فإن الأجدر بالمواطن أن يصل في هذا الشهر إلى حالة من ”التصالح” مع كل ما
هو مختلف عنه، شهر رمضان لا يمكن أن يحل علينا لكي يدعونا إلى مزيد من
التطرف.
التفكير المنطقي السليم في هذا الأمر يدفعني للتفكير في مدى الضرر الذي قد
أسببه لمسلم صائم في حال شربي لكأس من أي نوع من أنواع المشروبات الروحية ،
فهذا الأمر هنا ما هو إلا فعل اخترته “أنا” وبطبيعة الحال لم أتناول هذا
الكأس ونيّتي إيذاء الناس ، وأما في حال افطاري في رمضان فهذا لن يؤثر على
موعد آذان المغرب ، فلن أقدّمه ولن أكون سبباً في تأخيره ، لا أريد للمجتمع
أن يصاب بالانفصام ولكن سنة بعد سنة سواء كانت شمسية أم قمرية ستزداد حالة
الانفصام أكثر فأكثر ولن نستطيع أن نتحدّث حتّى إلى أقرب المقربين إلينا.
كتبها مراد عطاالله
لقد تناول المعلقون - الأردنيون غالبا - طرح الكاتب بلا نقاش موضوعي يؤسس لقوة فكرة وجمال رأي ، فكتبت الرد التالي :
الكاتب أوضح فكرة ، والتجاوب كان قهري التفاعل ، لا يتناول الفكرة ، ولا
التصرف المطروح ، ويبدو أن بيئة الحوار الأردنية المؤدية لقناعات صلبة
الأساس وحيوية التجدد ، تحتاج للكثير من التدليك الدماغي ، وإني لأرجو أن
يبحث المتأصلون في طبيعة التاريخ الإسلامي الأول وحيوية الحياة الإسلامية
في صدر الإسلام والعصر الأموي في كيفية التعامل الاجتماعي في الحياة
اليومية ، بل والرمضانية ، لنجد أن كثيرا من الأعراف التي سكبناها تقاليد
في حياتنا الإسلامية المعاصرة كثير منها موروثات قبلية مطعمة بوسائل سيطرة
كهنوتية ظلت تحاول إيجاد أذرعة لها في تفاعلات الحياة اليومية ، وتشكلت عبر
قرون الجهل الأخيرة التي عضفت بالوطن العربي صور انسكب بعضها من رؤى كنسية
لتقاليد الدين في الغرب ، فانعكس على صورة الدين في الشرق ، وضاع مفهوم
الفتوى الإسلامية المتأصلة لتاريخ صدر الإسلام وتطبيقاته عن محاور العصر
ومتطلباته.
المفطر في رمضان ، في الشارع العام ، بينه وبين ربه ، كما هو الصيام بين
العبد وربه ، موضوع ليس للحياة الاجتماعية اليومية علاقة به ، فليفطروا ،
ومن الأولى ألا يكون فرض الصيام على الشارع جبرا ، هيبة رمضان تكون بأغلبية
الصائمين لا بالزحف على المفطرين ، الذين لهم الحرية في أن يفطروا أم
يصوموا.
ولله الحمد ، الصائمون يغلبون في حياة الأردن ، والإسلام وجمال وصحية وفضل
صيام رمضان ، لا يزال راقي الصور بل سيزيد كل سنة جمالا ، ويحسن في كل سنة
كثير من التائبين.
ولكني أقول للمفطرين جهارا في رمضان ، يا أخي "بلاش عشان" حريتك الخاصة ،
التي نحترم ، فقط فكر في طفل صغير في الثانية عشر يتعلم الصوم ويحاول أن
يكون فردا صالحا بطريقة إيجابية ، لا تؤذ وتخدش صيامه بأن تأكل وتشرب وهو
في جوعه صابر محتسب.. إحترم مشاعر صائمين لا تدري كيف تخدشها بشعورهم
بوقاحتك ، وإن كنت مريضا معذورا أو مسافرا مضرورا أو كنت فتاة معذورة أو
مسافرة لكم الأعذار ، فقط ، خذوا عن المجاهرة صبر دقائق لو استطعتم ، ولو
لم تستطيعوا ، فلن يحمل الناس عليكم إلا الدعاء بالخير.
وشكرا للكاتب على إثارة شهوة الحوار.